مدونة غلا الروح
قراءة نقدية لأسطورة الجميلة والوحش
الكاتب هو البندري العنزي وهى تحكى حكاية خرافية عن تعويذة وبالأحرى لعنة ألقتها ساحرة حولت إنسان إلى وحش وحولت ما فى قصره من خدم وحشم إلى جمادات وكان فك التعويذة هو الحب النقى من فتاة للوحش
بالطبع لا وجود لتعويذات من مخلوقات تحول الأشياء من سيرتها وهى طبيعتها إلى طبيعة أخرى وإنما الموجود فى كتاب الله :
الأول عقاب إلهى يحول أجسام الكفار إلى أجسام حيوانات مع بقاء النفس الإنسانية فيها لتتعذب بمناظرها كما فعل الله بأصحاب السبت عندها حول أجسامهم لأجسام قردة فقال :
" كونوا قردة خاسئين"
وقد حول الله بعض بنى إسرائيل لقردة والبعض لخنازير جسما حيث قال "قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير"
الثانى آية معجزة كتحول العصا الشجرية إلى ثعبان أى حية كما قال سبحانه :
"وما تلك بيمينك يا موسى قال هى عصاى أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمى ولى فيها مآرب أخرى قال ألقها فألقاها فإذا هى حية تسعى قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى"
وبناء على السابق فالحكاية لا تزيد عن كونها خيال وقد حكاها الكاتب حيث قال :
"في قديم الزمان كان هناك عجوز بسيط يسكن بالريف في كوخ بسيط ولديه ثلاث بنات , وكانت البنت الصغرى تدعى جميلة , وهي من أجمل الجميلات في قريتها , تميزت بالذكاء والحنان والرقة , وعرف عنها حبها للقراءة والكتب , فكانت عشقها الأول الذي لم تتخلى عنه
في يوم من الأيام أخبر العجوز بناته بأنه سوف يذهب في رحلة عمل , واخبرهن أن كل واحدة منهن تستطيع طلب هدية , وعلى الفور اختارت البنت الكبرى أن يأتيها بقلادة ذهبية , أما البنت الوسطى فأرادت فستان ثمين , أما جميلة فقد ترددت , كانت تعلم أن والدها لديه عمل بسيط ولا يستطيع جلب أشياء غالية كثيرة , فطلبت منه وردة حمراء ناعمة لن تكلفه الكثير
أسطورة الجميلة والوحش
مر الأب العجوز بقصر كبير مهجور الأب العجوز ذهب في رحلته وأنجز عمله , وفي طريق العودة تذكر طلب ابنته جميلة , بحث كثيرا عن وردة حمراء فلم يجدها , ثم مر بقصر كبير مهجور , كان القصر مظلما ومخيفا , لكن حديقته تغص بكل أنواع الزهور , وأثناء تجوله في الحديقة وجد الأب الوردة الحمراء لابنته جميلة , لكن عندما قطفها فاجئه دخول وحش كبير عليه في الحديقة , سأله الوحش عن سبب وجوده هنا؟ فأخبره الأب انه لا يستطيع أن يرفض طلب ابنته , وقد طلبت منه وردة حمراء فقط , وهو بحث عنها في كل مكان ولم يجدها إلا هنا فغضب الوحش وقال بأن ثمن قطف الوردة بدون استئذان هو أن يأتي بابنته التي طلبت الوردة لتعيش عنده في قصره الكئيب
رجع الأب إلى بيته حزينا وكئيبا , وعندما استقبلته ابنته جميلة قالت له ما بك يا أبي لماذا أنت حزين؟ فأخبرها بالأمر , وقال إن لم تأتي معي إلى ذلك القصر المشئوم فسوف يذبحني الوحش , لكني لن أضحي بك أبدا , أفضل أن يذبحني عل أن يأخذك مني
لكن جميلة رفضت كلام والدها وطلبت منه أن يأخذها إلى قصر الوحش لتعيش عنده , وعندما علموا أخوتها بالأمر وبخوها على طلبها السخيف هذا الذي سيكلفها حياتها لكن جميلة أصرت على الذهاب
وعندما أقترب الأب وأبنته من قصر الوحش سمعت زئيره فخافت بشدة , وفكرت أن هذا زئيره فكيف سيكون شكله؟ لكنها كتمت خوفها وسكتت لكي لا تضحي بوالدها لأن أخواتها يحتاجونه
وعندما دخلت القصر تفاجأت بوحش يدب منظره الرعب في قلب كل من يراه , وكان يخفي الجزء الأعلى من وجهه بعباءة سوداء قبيحة تلف كل جسمه داخلها , ويداه يغطيها شعر كثيف , وأنامله فوقها مخالب حادة تقشعر منها الأبدان رغم رعبها فقد طلبت جميلة من والدها أن يغادر بكل هدوء فغادر الوالد المنكوب تاركا أبنته لمصير مجهول وأقفلت القلعة أبوابها على ذلك المصير الغامض الذي ينتظرها مع هذا الوحش الذي تزوجته ثمنا لوردة قطفها والدها لها
وليت الأمر انتهى عند هذا الحد , فقد كان الوحش يرفض أن يحادثها ويعاملها بقسوة , كان يرفض أن تنير الأضواء لكي لا ترى وجهه الذي يثير الرعب في قلب كل إنسان
وتفنن الوحش بتعذيب جميله لأنه يعلم بأنها لم تأتي لقصره حبا به ولا عن رغبة من داخلها , وإنما أتت من اجل حماية والدها وأخواتها بسبب قطف والدها تلك الوردة التعيسة
بمرور الوقت تكتشف جميلة بأن ثمة شيء غير طبيعي في هذا القصر , فكل الجمادات تتحدث معها وتقع بالتدريج في حب هذه الفتاة القروية الجميلة
وبالتدريج تعودت جميلة على الحياة في هذه القلعة , لا بل أصبحت تحبها , وشرعت في تنظيف القصر ترتيبه وتنسق الزهور في حدائقه
لقد بعثت الحياة في هذه الأطلال الموحشة بطلعتها الجميلة البهية وذوقها الراقي وصوتها العذب الذي يأسر قلب كل من يسمعه
أسطورة الجميلة والوحش
كانا يلتقيان على مائدة الطعام وحرص الوحش على اخفاء وجهه اللقاء اليومي الوحيد بين جميلة والوحش صاحب القلعة كان على مائدة الطعام , وكانت العتمة تخفي وجه الوحش القبيح , فلم تكن جميلة تستطيع رؤيته جيدا لكنها تسمع صوته وهو يأكل الطعام بصمت
وقد حاولت مرارا أن تكسر حاجز الصمت بينهما , فتتحدث إليه , لكنه في كل مره يصدها و يخبرها أن تصمت ومع هذا فلم تيأس كانت تريد أن تعرف لماذا الوحش يعاملها بقسوة , ولماذا أسرها في هذا القلعة , ولماذا هي تستحق كل هذا العذاب بسبب وردة قطفها والدها من حديقته عندها زأر الوحش بصوت كالرعد وبرق الشرار في عينيه وصرخ قائلا: " أتعتقدين أني أحمق؟ ولا اعرف ما تخفينه لي أنت ووالدك؟ لقد اخبرني والدك بأنك ستتزوجين من أوسم شاب في قريتكم ذاك المتغطرس المدعى " غاستون " وأنا أكرهك واكرهه "
ذهلت جميلة من كلام الوحش الذي قاله بكره وحقد كبير لها وأخذت تبكي في ألم وتحاول أن تخبره بأن المتغطرس " غاستون " هو الذي اخبر أهل القرية بأنه سيتزوجها أما هي فلا تكن له أدنى مشاعر وكل اهتمامها كان بالكتب والقراءة لكن الوحش لم يستمع لها لأن الكِره والعصبية استبدت به فقاطعها بصوتها المخيف قائلا: " إياك أن تحاولي خداعي أو حتى مكالمتي فلا يوجد شيئا بيننا لنقوله "
وذهبت جميلة إلى غرفتها في صمت وهي تبكي في ألم لأنها لا تستحق هذا فما ذنبها؟
وفي أثناء ما هي تبكي اقترب أصدقاءها الجمادات وحاولوا تخفيف حزنها واخذوا يغنون لها ليطردوا الحزن الذي بها
وفعلا نجح أصدقاءها الجمادات بإخراجها من الحزن الذي هي فيه , وعندما نظرت للأشياء من حولها دخل الأمل إلى قلبها من جديد وأخذت تغني معهم عندها اخذ الوحش بالإنصات لصوتها العذب وتعالت أصوات الجمادات وبدئوا بالرقص حول جميلة وانطلقوا في أرجاء القصر بالغناء والرقص والحبور وعندما كان الوحش بحجرته بدا يشعر بشعور جديد يدب فيه هو الوحش الذي ليس لديه مشاعر , وبدأ ينصت للغناء باهتمام وشغف , وتسلل على أطرافه لخارج حجرته ليشاهد الحياة تدب في قصره من جديد كالسابق , وعندما رأت الجميلة الوحش مدت إليه يديها وشجعته للغناء معها , ومد الوحش يده التي تنتهي بمخالب حادة وشعر كثيف ليلامس نعموه وجمال يدها وشعر الوحش بشعور غريب , لأول مرة يشعر به , شعور سمع عنه الكثير انه " الحنان " الذي لم يجربه وأخذ يغني بصوت منخفض بنبره خشنه ويعود يلزم الصمت خجلا من بشاعة صوته , أما جميلة فأخذت تشجعه وهي تبتسم , وبعدها أخذت علاقتهم منحنى أخر وبدأ الوحش يحب جميلة وعرف لأول مره معنى الأمل والحب والتفاؤل واخذ يخرج من عزلته يوم بعد يوم أصبح يتحادث مع الجميلة لكن برداء طويل لكي لا ترى وجهه القبيح حتى جاء اليوم الذي دخلت به غرفة مظلمة منعزلة كانت مخصصه للوحش وكان يدخلها من فتره لأخرى ويمضي بها ساعات طويلة يعوي بها بألم وحزن ويخرج وهو كاره لكل شي من حوله
لماذا امسكتِ الوردة الحمراء ايتها اللصة اخرجي
كانت جميله تفكر كثيرا بهذه الغرفة لمعرفة ما بها , ودفعها الفضول الذي يسيطر عليها للدخول إليها , فتفحصت الغرفة ورأت وردة حمراء جميله جدا لم ترى أجمل منها في علبة زجاجيه , عندها دخل الوحش وامسك بالوردة وقال: " لماذا مسكتي وردتي أيتها اللصة اخرجي حالا من قصري لا أريدك "
قالت: " لم اقصد ذلك أنا أسفه "
فصرخ فيها قائلا: " أخرجي "فخرجت من القصر وهي حزينة وركبت حصانها وذهبت , وعندما كانت في نصف الطريق فوجئت بذئاب كثيرة تأتي إليها فخافت , وعندما اقتربت الذئاب منها أغمضت عينيها وتنفست لأخر مرة , وعندما فتحت عينيها فوجئت بشخص ضخم ذو عباءة سوداء كلون الليل فعرفت أنها الوحش , وقاتل الذئاب من اجلها , فذهب إليها واحتضنها وذهب بها إلى المنزل ووضعها على السرير , فنامت نوما عميقا ولم تصحو إلا عندما شرقت الشمس من نافذة الغرفة وتذكرت الوحش فذهبت إليه فوجدته ينزف ومصاب بالحمى , قال لها: " اذهبي بعيدا "
وهي قالت بأعلى صوت: " لن اخرج سوف أساعدك رضيت أم لا "
كيف تحولت إلى انسان؟
وعندها مسحت دمائه و نظرت إليه وقبلت جبينه فتحول إلى رجل فسألته: " من أنت؟ "
قال: " أنا الوحش "
قالت: " كيف تحولت إلى إنسان؟ "
فأخبرها انه كانت هناك عجوز شريرة ساحرة ألقت عليه تعويذة فحولته إلى وحش , وانه لن يعود ليصبح إنسانا من جديد إلا عندما تقبله فتاه تحبه من كل قلبها
وعندما خرجت مع الوحش من حجرته فوجئت بأشخاص فسألتهم: " من انتم؟ "
قالوا: " نحنا الجمادات وها نحن عدنا إلى طبيعتنا بعد أن زالت اللعنة عن القصر"
وقال الوحش لجميلة: " أنا احبك من كل قلبي يا جميلتي هل تتزوجني؟ "
فقالت له: " نعم "
وعندها أقاموا حفل كبير جدا , و دعت الجميلة أبيها وأختيها إلى عرسها فحضروا , وتزوجت الجميلة من الوحش وعاشا بسعادة إلى الأبد"
وتناول الكاتب الهدف من الحكاية مبينا أن الجمال هو جمال النفس وليس جمال الجسم حيث قال :
"مغزى الحكاية:
من هذه القصة نتعلم انه الجمال ليس جمال الشكل وإنما جمال الروح , فالوحش كان قبيحا لكن جميلة أعجبت بروحه وأحبته فأرجوا أن لا تهمكم المظاهر مره أخرى لأنها سوف تزول لكن الروح ستبقى"
وتناول أصل الحكاية التاريخى حيث قال :
"أسطورة الجميلة والوحش
قصة جميلة مغزاها ان المظاهر زائفة وزائلة بينما الروح هي الباقية والدائمة
أسطورة الحسناء والوحش هي من التراث الأوربي القديم ظهرت أول مرة مطبوعة في كتاب خلال القرن الثامن عشر في فرنسا , ومنذ ذلك الحين انتشرت واشتهرت في جميع أرجاء العالم وهناك العديد من الأفلام المقتبسة عنها , أشهرها وأكثرها نجاحا هو فيلم الرسوم المتحركة الذي أنتجته والت ديزني عام 1991 بعنوان الجميلة والوحش (Beauty and the Beast) "
وهدف الحكاية هو وعظ النساء ومن خلفهم الرجال بأن تغيير شخصية الإنسان ممكن بالمعاملة الحسنة فالسيىء الخلق من الممكن أن يتغير لحسن الخلق
مدونة غلا الروح |