مدونة غلا الروح
نقد بحث البشر الكلاب ومقطوعي الرأس وأمة العيون الواحدة مخلوقات غريبة ما بين الأسطورة و التاريخ
البحث للباحث أحمد السيد وهو يدور حول حكايات خرافية عن وجود بشر كلاب ومقطوعى الرأس وذوى عيون واحدة وقد استهل مبحثه بأنه لا يستبعد أن يكون لتلك الخرافات أصل فقال :
"هل هي مجرد خرافات أم ان لها أصلا تاريخيا؟ ..
قال تعالى: " و يخلق ما لا تعلمون ". صدق الله العظيم
سمعنا كثيراً عن مخلوقات غريبة في عالمنا، وكنت أظن في أول وهلة أنها مجرد أساطير، لكن هناك قاعدة وهي أن لكل أسطورة أصل في التاريخ.
فمما سمعنا عنه:
طائر الرخ، وهي أسطورة نشأت عن طيور عملاقة كانت تعيش فعلاً في الزمان السحيق و انقرضت الآن.
التنين، و لعله نشأ عن بعض أنواع الديناصورات القديمة الطائرة، أو الثعابين العملاقة التي تعيش في الغابات.
وهناك غيرها الكثير من المخلوقات المشهورة التي تسيدت عالم الأساطير."
قطعا لا وجود للرخ ولا للتنين فهى مزاعم كفرية اخترعها تجار الدين لتخويف الناس منهم ومن آلهتهم المفتراة وكذلك اخترع تجار العلم الأنواع المنقرضة للحصول على الأموال من المغفلين والمخدوعين من خلال متاحف التاريخ الطبيعى وإنتاج الأفلام والمسلسلات وإصدار الصحف والمجلات التى تباع للمغفلين
لا يوجد انقراض لأى نوع بدليل أن الله أمر نوح(ص) عند الطوفان بحمل ذكر وأنثى من كل الأنواع حتى تعيش وتتكاثر فيما بعد الطوفان وفى هذا قال تعالى :
"حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين"
كما أن الله بين أن كل نوع موجود في خزائنه بقدر بحيث لا يمكن انقراضه وذلك للحفاظ على الكون فقال :
"وإن من شىء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم"
وانقراض نوع ما معناه دمار العالم كله لأن الأنواع كل منها تعتمد حياته على أكل بعض من أفراد نوع أخر او اكثر ومن ثم لو انقرض نوع فالنوع الذى يأكله لابد أن ينقرض ويموت بسبب عدم وجود طعامه والنوع الثالث المعتمد على الثانى كطعام لابد أمن يموت وهكذا
والملاحظ هو أن بعض الأنواع تختفى من مكان ولكنها تظهر في أماكن عدة ولكنها لا تنقرض كما يزعم الزاعمون وهذا هو الذى سماه الله كل شىء موزون فقال :
والأرض مددناها وألقينا فيها رواسى وأنبتنا فيها من كل شىء موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين"
وسأل أحمد السيد الناس عن المخلوقات المفتراة فقال :
"لكن هل سمعتم يا ترى عن الرجال مقطوعي الرأس؟ ..
البشر الكلاب، و البشر مقطوعي الرأس، و امة العيون الواحدة .. مخلوقات غريبة ما بين الأسطورة و التاريخ"
وأجاب بالحديث عن الرجال مقطوعى الرءوس فقال :
"الرجال مقطوعي الرأس!
.. للوهلة الأولى التي سترى فيها صورهم المرسومة، ستتوقع عزيزي القارئ، بل ستوقن إنها أساطير كانت تُرسم على الجدران كغيرها من الأساطير التي أعتاد أهل الحضارات القديمة رسمها على جدرانهم.
لكن لو تعمقنا بالموضوع أكثر .. فربما ستغير رأيك .. إذ تم تسجيل مشاهدات وروايات تاريخية عن هذه المخلوقات منذ العصور القديمة وإلى العصور الوسطى، تحديدا بالمناطق النائية وفي أماكن شتى من العالم. ولعل هذه الوفرة في الروايات من ناحية الزمان والمكان وتعدد مصادرها هي التي أسبغت على الموضوع نوعا من الواقعية بعيدا عن عالم الأساطير، أو بالأحرى دفعت الباحثين للتنقيب والبحث عن الأصل الواقعي للأسطورة.
ودعونا نبدأ رحلة البحث خاصتنا من العصور القديمة، فقد جاء ذكر الرجال مقطوعي الرأس (Headless men) على لسان هيرودوت في تاريخه، وذلك في معرض حديثه عن الأقوام الساكنة في ليبيا القديمة، فزعم وجود هذه المخلوقات في الجزء الشرقي من البلاد إلى جانب مخلوقات غريبة وقبيحة أخرى كالبشر الكلاب وإنسان الغاب المتوحش.
كانت هناك بالفعل قبيلة تحمل اسم بليميس ..
وفي السياق ذاته ذكر بليني الأكبر في تاريخه الطبيعي قبيلة (بليميا Blemmyae) وعدّهم من قبائل شمال أفريقيا و قال: (ليس لديهم أي رؤوس، وأفواههم وعيونهم تقبع في صدورهم)، وقيل بأن هذه القبائل تقطن في أثيوبيا.
المؤرخ سترابو جاء على ذكرهم أيضا، قال بأنهم مسالمين ويعيشون في الصحراء الشرقية بالقرب من مدينة مروي في السودان وفي الواقع كانت هناك بالفعل قبيلة تدعى بليميس عاشت جنوب مصر وخاضت حروب عدة ضد الرومان. البيلميا لم يكونوا بالضرورة من دون رأس، فبعض الكتاب ذكروا بأنهم كانوا يخبئون رؤوسهم بين أكتافهم. ولعل في ذلك واقعية أكثر، وربما أصل الأسطورة يعود إلى أشخاص مصابين بنوع من الإعاقة الجسدية أو التشوه الخلقي، كحدبة الظهر مثلا، مما يجعل رؤوسهم تبدو وكأنها معلقة إلى صدورهم.
عالم اللاهوت الفرنسي صموئيل بوخارت تطرق إلى كلمة (البليميا) وقال بأنها مشتقة من مصطلحين أو كلمتين عبريتين معناهما "بلا دماغ". مما يعني أن شعب البليميين كانوا بشرا بلا أدمغة.
خلال عصر الاستكشاف، تحدث المستكشف والمغامر الانجليزي السير والتر رالي عن رجال مقطوعي الرأس أطلق عليهم أسم ايوايبانوما، وذلك في معرض حديثه عن رحلته الاستكشافية إلى مقاطعة غوايانا في فنزولا. في الواقع هي لم تكن رحلة استكشافية بقدر ما كانت رحلة للبحث عن الذهب والكنوز الأمريكية القديمة. كان رالي مصمما على أن ما رآه حقيقي، لكن أغلب الظن أنه هو نفسه لم يشاهد أولئك الرجال مقطوعي الرأس وإنما استوحى قصته من روايات قبائل الهنود الحمر التي تستوطن تلك الأصقاع، وأستشهد كذلك بما ذكره بعض الرحالة الأسبان الأوائل في كتبهم."
أحمد السيد يطلب منه التصديق بوجود أحياء من البشر ليس لهم رءوس لمجرد كثرة الروايات وهذا معناه مثلا أن نصدق النصارى في كون المسيح (ص) ابن الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا فهناك بشر يتداولون روايات من آلاف السنين عن ذلك ومطلوب منا أن نصدق أن هناك عيون تضر الناس لأن الكثير من الناس يروون آلاف مؤلفة من الحكاية عن ذلك بل ينسبون نصوصا للأديان في ذلك
وكثرة الكتاب أو كثرة الحكايات لا تثبت وجود شىء ولكن هناك خطأ في الترجمة أو في الكتابة وهو أن القبائل الملثمة في شمال أفريقيا كالطوارق سموهم كذلك لعدم رؤية وجوههم من خلال اللثام فهذا هو اصل مقطوعى الرأس فهم محجبى الدماغ أو هو تعبير أطاق على من لا يستجيبون للعقل لأن من المحال ان تقطع رقبة إنسان ويظل حيا
وتحدث عن البشر الكلاب فقال :
"البشر الكلاب
قيل بأنهم سحرة .. أما البشر الكلاب، فشعب الأزتيك في المكسيك كان يؤمن أيمانا مطلقا بوجودهم، زعموا بأنها وحوش تقتل الصيادين، وآمنوا بأن هذه المخلوقات التي تسمى نجويل (Nagual) تسرق الجبن وتغتصب النساء لكنهم لا يقتلون أحدا ما لم يتعرض لهم. هذه المخلوقات هي في حقيقة الأمر سحرة من البشر يمتلكون القدرة على التخفي بأشكال وهيئات شتى. ومازال صدى هذه الأساطير يتردد إلى يومنا هذا في بعض المناطق النائية من المكسيك حيث يعتقد الناس أن النجويل هم أشخاص لديهم القدرة على التحول إلى أشكال حيوانية خلال الليل ويستخدمون هذه القدرة في اقتراف الجرائم والسرقة والاغتصاب، يعني تقريبا نفس فكرة المستذئب في الفلكلور الأوربي.
المخلوقات المتحولة لها مثيل آخر في أساطير شعوب الهنود الحمر، خصوصا فلكلور قبائل النافاجو في الولايات المتحدة، حيث توجد أسطورة الماشي بالجلد (skin walker) ، وهي تتحدث عن سحرة أشرار من الرجال والنساء لهم القدرة على التحول والتنقل في هيئة حيوانات، ولا يتمكن الساحر من نيل هذه القدرة الخارقة إلا عن طريق اقتراف عمل شرير بشع يدمر الجانب الإنساني من شخصيته ولا يبقى إلا على الجانب الحيواني، كقتل أفراد عائلته أو اغتصابهم أو ممارسة الجنس مع جثث الموتى في المقابر - نيكروفيليا -.
هل لها علاقة بأسطورة الاله انوبيس الفرعوني .. بعيدا عن الأمريكيتين، عرف العالم القديم أساطير كثيرة عن البشر ذوي الرؤوس الكلبية، وأغلب الظن أن معظم تلك الأساطير مستمدة من أشكال الآلهة الفرعونية القديمة، خصوصا انوبيس، أله الموتى الذي يتجسد في هيئة إنسان برأس أبن آوى، وكذلك حابي، وهو أحد أبناء حورس الأربعة الذين يحرسون عرش اوزيريس في العالم السفلي، والذي يظهر بهيئة إنسان برأس قرد البابون، وهو شبيه بالكلب طبعا ومن وحي هذه الأساطير المصرية القديمة ظهرت أسطورة البشر المستكلبين (Cynocephaly) فذكرت المصادر الإغريقية القديمة أن هؤلاء البشر هم أقوام متوحشة تسكن الهند وتستوطن الجبال العالية، وقالوا بأن هذه الأقوام أو القبائل تتواصل مع بعضها عن طريق النباح وتعتاش على الصيد. أما المؤرخ الشهير هيرودوت فقد ذكر بأنهم من الأقوام التي تستوطن شرق ليبيا القديمة، وقد تطرقنا لهذا أنفا.
نقش قديم للقديس كريستوفر .. ليست سوى رواية من بين راويات عدة عن حياة القديس كريستوفر. الرواية الأشهر هي أنه كان أنسانا طبيعيا من قوم كنعان لكنه ضخم الجثة وذو وجه مخيف.
ربما لها علاقة بأسطورة المستذئب الاوروبية ..
الإيمان بوجود البشر الكلاب أستمر خلال العصور الوسطى في أوروبا، ولعل أسطورة الرجل الذئب (Werewolf) مستمدة أصلا من أسطورة الرجل الكلب.
الرحالة الأوربيون الأوائل مثل جيوفاني وماركوبولو ذكروا أيضا قصصا عن الرجال الكلاب. جيوفاني قال بأن إمبراطور المغول اوقطاي خان حارب أقواما متوحشة برؤوس كلاب في البحر الشمالي. أما ماركوبولو فقد ذكر بأن هناك جزيرة بالقرب من الصين يسكنها برابرة أجسادهم ضخمة ورؤوسهم كرؤوس الكلاب."
كل هذه الروايات والحكايات عن الرجال الكلاب إما مرجعها إلى أن الله حول كفار إلى أجسام كلاب كما حول بعض كفار بنى إسرائيل لقردة وخنازير كما قال تعالى :
"قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير"
وإما مرجعها شرار الخلق وهم الأغنياء الذين يحبون شهوة الجنس والقوة ولا يقدرون على ممارستهم مباشرة خوفا من القوانين أو خوفا من علم أقاربهم بمخالفة الدين والعلم به لذا يرتدون وجوه كلاب ويغتصبون النساء أو يقتلون الناس أو يسرقونهم وغير هذا
ولا يوجد احتمال أخر لذلك
وحدثنا عن اصحاب العين الواحدة فقال :
"ذو العين الواحدة
سايكلوبس .. عمالقة بعين واحدة ..
من الأساطير الغريبة الأخرى التي تطرقت لها المصادر القديمة هي تلك التي تحدثت عن مخلوقات ذات عين واحدة، وهي مخلوقات كان لها شهرة واسعة لدى الإغريق والرومان، وعرفت بأسم سايكلوبس (Cyclops) ، وقيل بأنها من جنس العمالقة.
أشهر القصص والأساطير عن السايكلوبس هي تلك التي تتحدث عن بوليفيموس، وقد ورد ذكره بالتفصيل في ملحمة الأوديسا لهوميروس، قيل بأنه عاش مع قومه من العمالقة في جزيرة صقلية وكان يرعى الحيوانات ويقتات على لحوم البشر الذين يقودهم حظهم العاثر إلى جزيرته.
أحد أولئك الذين وقعوا في قبضة بوليفيموس هو بطل الملحمة أوديسيوس ورجاله الأثناعشر، فقام العملاق بحبسهم في مغارته وأغلق عليهم درب الخروج بصخرة كبيرة ثم راح يأكل منهم في كل يوم اثنان.
أوديسيوس ورجاله فكروا في سبيل للنجاة من العملاق المتوحش، وكان لدى اوديسيوس بعض الخمر فقدمه للعملاق الذي سرعان ما ثمل وداهمه النعاس، وقبل أن ينام نظر إلى اوديسيوس وسأله عن أسمه ووعده بأن يكافئه لو أخبره الحقيقة، فقال اوديسيوس بأن أسمه هو: "لا أحد "، فقال العملاق بأنه سيكافئه بأن يستبقيه حيا حتى لا يبقى غيره من الرجال ليؤكل.
اوسيدس يسقي الخمر للعملاق ..
العملاق غط في نوم عميق بفعل الخمر، وكان أوديسيوس قد هيأ عصا كبيرة وأجتهد في جعل رأسها مدببا حادا ثم قام بغرزها في عين العملاق النائم، فأنتفض العملاق وهو يتخبط ويئن من شدة الألم ونادى على قومه لينجدوه قائلا بأن "لا أحد " غرز عصا في عينه الوحيدة مما تسبب له بالعمى، فلما سمع قومه ذلك ضحكوا وتركوه ظنا منهم بأنه أصيب بالجنون في الصباح فتح العملاق باب المغارة ليخرج أغنامه، وكان قد فقد نظره مما مكن أوديسيوس ورفاقه مع الهرب بعد أن أوثقوا أنفسهم إلى بطون الأغنام، وما أن خرجوا من المغارة حتى ركضوا إلى سفينتهم على الساحل وركبوها وانطلقوا مبتدعين عن الجزيرة، وفيما مركبهم يبتعد صاح اوديسيوس ساخرا من العملاق بوليفيموس، أخبره بأن أسمه الحقيقي هو أوديسيوس وبأنه خدعه، فضج بوليفيموس بالصراخ ومن شدة غضبه أقتلع صخرة كبيرة ورماها في عرض البحر نحو سفينة أوديسيوس، وقد كاد أن يحطم السفينة لولا أن يد القدر امتدت لتنجي اوديسيوس ورفاقه.
قصة أوديسيوس مع العملاق ذو العين الواحدة بوليفيموس نجد لها انعكاس وصدى واضح في رحلة السندباد البحري الثالثة، حيث أن السندباد ورفاقه نزلوا جزيرة مجهولة في عرض البحر واحتجزوا في قصر عملاق يأكل البشر، وقد هربوا بنفس الطريقة التي هرب بها أوديسيوس ورفاقه.
الأساطير الإغريقية تخبرنا أيضا عن ثلاثة آخرين من عمالقة السايكلوب، وهم الأشقاء برونتيس وستروبيس وارجيس، كانوا من أشقاء التيتان، وهم الآلهة الأوائل الذين حكموا العالم وكانوا من نسل ربة الأرض وإله السماء، لكن انقلابا قاده الإلهة الشباب بقيادة زيوس أزاح الآلهة الكبار وأرسلهم إلى سجن عميق بباطن الأرض. الأشقاء الثلاثة اصطفوا مع زيوس، وكانوا ماهرين جدا في الحدادة، فصنعوا له سلاحه الفتاك .. البرق.
ثلاث شقيقات يتانوبن عينا واحدة ..
هناك أسطورة أخرى عن ذوي العين الواحدة، وهي تتحدث عن الشقيقات غراييا، وهن ثلاث شقيقات ساحرات كن يتناوبن النظر بعين واحدة، كل واحدة منهن كانت تنتظر دورها لتأخذ العين وتنظر بها.
المصادر التاريخية القديمة تحدثت أيضا عن وجود أمم من ذوي العين الواحدة، قيل بأن قبيلة منهم كانت تعيش جنوب روسيا وتدعى اريماسبي (Arimaspi) ، وهي قبيلة سكيثية من المحاربين الأشداء وكانت في حرب مستمرة مع جيرانها. في الفلكلور الألماني هناك أيضا محاربي الهاغين المرعبين. وفي ايرلندا هناك العملاق بالور الذي يموت في الحال كل من يجرؤ على النظر إلى عينه الوحيدة."
وقطعا لا وجود لهؤلاء البشر ذوى العين الواحدة إلا أن يكون طفل ولد بعيب في النظر وهو يموت مبكرا عقب ولادته أو في طفولته والتفسير المحتمل هو ا، قيام شرار الخلق من الأغنياء بارتداء أقنعة لها هذا الشكل لعمل جرائمهم فهؤلاء لا يمكن استبعاد أى فعل منهم
وتحدث عن تراثنا وورود أمثال تلك الحكايات فيه فقال :
"المصادر العربية والإسلامية..
وردت العديد من الإشارات إلى وجود هذه الأمم الغريبة في كتب الرحالة والجغرافيين العرب والمسلمين. فلقد ذكر الشيخ الجغرافي العلامة العثماني محيي الدين أبن محمد الريس الذي تـ عام 962 هـ في خرائطه أن بأمريكا الجنوبية: ((أمم من الناس وجوههم في صدورهم وليس لهم رؤؤس وطول الواحد منهم سبع أشبار وبين عينيه مسافة شبر وهم غير مؤذون وأمم أخرى وجوههم وجوه الثعالب والكلاب)).
وقال العلامة زكريا القزويني في كتابه كتاب (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) في قسم - أمم غريبة الأشكال - قال منها - أمة (منسك) وهم في جهة المشرق لهم أذان مثل أذان الفيلة وكل أذن مثل كساء (وهم الذين طولهم وعرضهم سواء) -ومنها- أمة في جزائر البحر وجوههم مثل وجوه الكلاب وسائر بدنهم كبدن الناس يتقوتون بثمار الأشجار وأن وجدوا شيئا من الحيوانات أكلوه -ومنها- أمة لا رأس لأبدانهم وأفواههم وعيونهم على صدورهم)).
وذكر في كتاب (العظمة) لأبو الشيخ عبد الله بن محمد الأصبهاني، خبر عن هذه الأمم، حيث قال بإسناد طويل نقلا عن رجل من أهل رومية: (أتانا رجل في وجهه أثر خموش قد بقيت, فسألنا: ما هذا الذي بوجهك؟ فقال: خرجنا في مركب, فأذرتنا الريح إلى جزيرة, فلم نستطع نبرح, فأتانا قوم وجوههم وجوه الكلاب, وسائر خلقهم يشبه خلق الناس, فسبق إلينا رجل منهم, ووقف الآخرون عنا, فساقنا الرجل إلى منزله, فإذا دار واسعة وفيها قدر نحاس على أثافيها, وحولها جماجم وأذرع وسوق الناس! فأدخلنا بيتا فإذا فيه إنسان قد كان أصابه مثل ما أصابنا, فجعل يأتينا بالطعام والفواكه, فقال لي ذلك الإنسان: إنما يطعمكم هذا الطعام, فمن سمن منكم أكله! فانظر لنفسك, وكذلك فعل بأصحابي. قال: فكنت أقصر عن الأكل! فكان كل من سمن من أصحابي ذهب به فأكله, حتى بقيت أنا وذلك الرجل, وحضر لهم عيد, فقال لي الرجل: حضر لهم عيد يخرجون إليه بأجمعهم, ويقيمون ثلاثا, فإن يك بك نجاء فانجُ, فأما أنا فقد ذهبت رجلاي, وأعلم أنهم أسرع شيء طلبا, وأشده استنشاقا لرائحة, وأعرف أثر الرجل, إلا من دخل تحت شجرة كذا, والشجرة تكثر في بلادهم. فخرجت أسير الليل, وأكمن النهار تحت الشجرة, فلما كان اليوم الثالث إذا هم قد جاءوا كالكلاب يقصون أثري, فمروا بتلك الشجرة وأنا فيها, فانقطع عنهم الأثر, فرجعوا, فلما جاوزوا أمنت وخرجت, فبينا أنا أسير في تلك الجزيرة إذ رفع لي شجرة كبيرة, فانتهيت إليها, فإذا بها من كل شجر الفواكه, وإذا تحت ظلالها رجال كأحسن ما رأيت من صورة رجال أندية, فقعدت إلى ناد منهم, فجعلت أكلمهم فلا يفهمون كلامي, ولا أفهم كلامهم, فبينا أنا جالس معهم إذ وضع رجل منهم يده على عاتقي, فإذا هو على رقبتي, ثم لوى رجليه علي, ثم أنهضني, فجعلت أعانفه .. لأطرحه, فخمش في وجهي, وجعل يدور بي على تلك الثمار فيجتنيها ويلقيها إلى أصحابه, ويضحكون! فلما غمي عمدت إلى عنب فقطعته, ثم أتيت به إلى نقرة في صخرة, فعصرته ثم تركته حتى إذا غلا كرعت فيه, فقال: أي شيء هو؟ فقلت: أكرع, فكرع فيه فسكر, فتحللت رجلاه, فقذفت به, وخرجت ذاهبا حتى دفعت إلى المدينة, فلما دنوت منها إذا ناس كالأشبار, أكثرهم عور, فاجتمع علي منهم جماعة يسوقوني إلى أميرهم, فأمر بي إلى الحبس, فانتهوا بي إلى حبس كقفص الدجاج, فلما أدخلوني قمت فكسرته, فأهملوني, فكنت أعيش فيهم. ثم إذا هم يستعدون للقتال, فقلت لهم: ما هذا؟ قالوا: عدو يأتينا, فلم نلبث أن طلعت الفراش, فإذا أكثرهم عور, فأخذت عصا, فشددت عليها, فطارت وذهبت عنهم, فأكرموني وعظموني, فاشتقت إلى النساء, فقالوا: نزوجك! وكلما زوجوني امرأة فأفضيت إليها قتلتها! فقالوا: أقمْ عندنا ولا تبال بقتلهن! فعمدت إلى جذعين فهيأتهما, وأخذت حبالا من لحاء الشجر, ثم ربطت الجذعين, وجعلت فيهما طعاما وماء, وركبت واقتنعت ببقية ثوب معي, فألقتني الريح إليكم .. !! فهذه الخموش مما حدثتكم).
وقد ذكر أيضا هذه الجزيرة أبن الوردي بكتاب خريدة العجائب وفريدة الغرائب وقال مثل قول أبو الشيخ الأصبهاني عنها في بعض (الوثائق العثمانية) والدالة على وجود هذه الأمم.
كما ذكر ابن اياس الحنفي في بدائع الزهور خبر عن الأمم التي تسكن في الأرض السادسة تحتنا، فذكر منهم امة لهم أجساد بشر و رؤوس كلاب!. وقد ذكر خبر هذه الأمم التي لا رؤوس لأبدانهم أيضا في كتاب (المعارف) وقال: ((ثم ملك التُبع العبد بن أبرهة وهو ذو الأذعار سمي بذلك لأنه كان غزا بلاد النسناس فقتل منهم مقتله عظيمة ورجع إلى اليمن من سبيهم بقوم وجوههم في صدورهم فذعر الناس منهم فسمي ذا الأذعار وكان هذا في حياة أبيه فلما ملك أصابه الفالج فذهب شقه قبل غزوه وكان ملكه خمسا وعشرين سنة))."
وكل هذه الروايات كاذبة أو تم التعبير عن الموجود بوصف خاطىء فمثلا الناس الذين لهم آذان كبيرة قد يكون نتيجة ارتداء القوم جلود الحيوانات التى اصطادوها برءوسها
وتحدث عن اصول تلك الخرافات فقال :
"أصل هذه الأساطير
ربما تكون هذه القصص أكثر من مجرد اساطير ..
في الواقع العلماء لم يكتشفوا إلى يومنا هذا أناسا وجوههم في صدورهم ولا بشرا برأس كلب ولا عمالقة بعين واحدة. لكن المؤمنون بقصص ما وراء الطبيعة والغرائب وضعوا بعض التفسيرات لهذه القصص قائلين بأن لا دخان من غير نار، وبأن القدماء ما كانوا ليجمعوا على ذكر هذه الأساطير لولا أن لها أصلا واقعيا. فذهب البعض منهم إلى أن هذه الأقوام كانت موجودة فعلا لكنها انقرضت بفعل توسع البشر، وهي في الحقيقة تهمة لا نستطيع أن نزكي بني البشر عنها لما عرف عنهم من الميل للعدوان والعنف طوال تاريخهم.
وهناك من يرى بأن هذه الأقوام هم يأجوج ومأجوج، وهم محبوسون إلى آخر الدهر.
فيما يرى آخرون بأنهم من أقوام الأرض المجوفة، وهو موضوع يطول الحديث عنه. أما التفسيرات العلمية فتذهب إلى أن معظم هذه الأساطير مصدرها إعاقات وعاهات بشرية نادرة، فكما أسلفنا، أغلب الظن أن حدبة الظهر هي مصدر أسطورة الرجال مقطوعي الرأس، أما البشر الكلاب فهناك بالفعل أناس ينمو شعرهم بغزارة فيغطي وجوههم وأجسادهم بالكامل حتى ليظن الإنسان بأنهم ذئاب أو كلاب، وهذا يحدث بسبب خلل جيني نادر يتسبب في مرض يدعى فرط الشعر الخلقي (Hypertrichosis) .
طبعا القدماء لم يكونوا يعلمون شيئا عن الجينات فربما حسبوا الشخص المصاب بهذه الأمراض من زمرة الوحوش. أما بالنسبة لذوي العين الواحدة فيقال بأن أصل الأسطورة مستمد من منظر الحدادين في العصور القديمة، فهؤلاء كانوا يغطون إحدى أعينهم بجلدة ولا يعملون إلا بعين واحدة، والسبب في ذلك هو أن الحداد كان يدرك بأن العمى هو مصيره الحتمي نتيجة تحديقه الطويل إلى النار التي يستعملها في عمله لتذويب وطرق وتطويع الحديد، لهذا كان يستعمل عين واحدة فقط للعمل، أما العين الأخرى فيغطيها ويحافظ عليها سليمة من اجل تقاعده!."
والحكايات كما سبق القول من ألفوها هم الكهنة تجار الأديان لتخويف الناس أو أن الله عاقب أقواما بتحويلهم لأجسام حيوانات ولكن هذا الأمر انتهى بمنع الله العقاب الجماعى نتيجة انتهاء زمن الرسالات والمعجزات في عصر خاتم النبيين(ص) كما قال تعالى :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
مدونة غلا الروح |